قصة الباب الممنوع
قصة الباب الممنوع
ومهما حاول “إبراهيم” جاهدا لرسم الابتسامة على وجوههم لا يستطيع، وتوالت السنون وفارق الحياة واحدا تلو الآخر حتى لم يتبق إلا العجوز الذي استأجره في البداية، وكان “إبراهيم” وفيا لهم لأبعد الحدود، وأخيرا عندما حان دور العجوز في الرحيل أخبر “إبراهيم” بأنه قد كتب له المنزل وكل ما يملكون جزاءً لما فعل لهم، شكره “إبراهيم” كثيرا على ما فعل وانتهزها فرصة وسأله عن سر تعاستهم جميعهم طيلة هذه السنوات، فلم يرد عليه الشيخ إلا بكلمة واحدة: “يا إبراهيم إياك أن تفتح هذا الباب”! وفارق الحياة.
الباب الممنوع:
حزن “إبراهيم” لفراقهم جميعا فقد باتوا حياته بأسرها، وهاهم اليوم يتركونه وحيدا، تذكر الباب وعلى الرغم من تذكر كلمات الشيخ العجوز جيدا إلا إنه قرر أن يفتح الباب، فلو عمل بوصيته لن يجد السعادة في الحياة لتفكيره الدائم في سر الباب الممنوع، ولو فتح الباب عاش تعيسا طوال حياته مثلهم، فلن يشكل الأمر بالنسبة إليه كثيرا.
عزم على فتح الباب والذي كان صعب الفتح لتركه لسنوات طويلة، وأخيرا استطاع فتحه وإذا به يجد ممرا ضيقا مظلما، سار فيه وكان كلما تقدم وجده يضيق حتى صار يزحف، وفي نهاية الممر وجد بصيصا من النور، فصار يتقدم حتى وصل إليه، وإذا به يجد شاطئ ومياه على مد البصر، كان متعبا للغاية فألقى بجسده على الرمال وإذا بنسر ضخم بضخامة حصان شاهق، حمله بين مخالبه وصر يطير به فوق المياه حتى لاحظ “إبراهيم” بقعة خضراء أسفله، فتركه النسر ليقع بها.
من شدة التعب غاص في نوم عميق لساعات، وعندما استيقظ وجد سفينة مصنوعة من خشب الأبانوس أسود اللون، ولها أشرعة في شدة البياض وأخيرا الكثير منها من الذهب الخالص، وجد مجموعة من الفتيات لم يرى في حسنهن من قبل يتقدمن إليه ويحملن ثيابا من الحرير الخالص، أخبرنه بأنه ضيفهن العزيز المكرم.
وفي السفينة قدمن له كأسا من ماء عذب لم يشرب مثله، وأشهى الأطعمة والفاكهة، وعندما وصلوا الوجهة وجد العديد من الجنود التي لا يرى أولهم من آخرهم ووجد قائدهم يتقدم إليه بالتحية، وصارا للقصر وعندما بلغ مكانه نزع الغطاء عن رأسه فإذا به فتاة ما أروعها ولم يرى في الحسن مثلها على الإطلاق، كانت الملكة وكل هذا الملك العظيم والممالك لها، وما أدهش “إبراهيم” أنه لا يوجد رجل غيره بكل هذه الممالك، قالت له الملكة: “إنك ملك على هذا الملك العظيم شريطة أن تتزوج بي، فما رأيك يا إبراهيم؟!”، فأجابها قائلا: “وهل لي إلا أن أرضى يا ملكتي”.
ومن جديد حذرته الملكة من فتح باب بالقصر، عاش في سعادة غامرة حتى جاء اليوم الذي انقاد فيه وراء فضوله وفتح الباب وإذا بالنسر يأخذه بمخالبه مجددا فسمع صوت الملكة وهي تصرخ قائلة له: “ألم تقنع يا إبراهيم بكل السعادة التي كنت تتنعم فيها؟!”
أعاده مجددا للشاطئ، فعل “إبراهيم” ما الذي فعله الرجال العشرة وأودى بهم لحالة الحزن التي كانوا يشعرون بها طيلة هذه السنوات وصار مثلهم لآخر عمره.