حكاية كاملة بقلم رحاب إبراهيم
حكاية كاملة بقلم رحاب إبراهيم
ولا قوة الا بالله بمكتب آسر ظلت سما تنتظر آسر حتى يتحدث بما حدث بالأمس ولكنه انشغل بالعمل بشكل تام ربما قصد ذلك !! ترددت أن تفتح الحديث معه بهذا الشأن فستبدو ثرثارة كادت أن تتحدث حتى باغتها ورفع سماعة الهاتف بإتصال على فريق المهندسين وقال _ الو..صباح الخير يا مازن ساعة وتكون عندي أنت وباقي التيم يبدو أن الطرف الآخر وافق سريعا ليضع آسر سماعة الهاتف بمكانها وعاد منشغلا بالعمل...تساءلت سما بحيرة _ هو مش اجتماع المهندسين بعد بكرة! رفع عيناه عليها بحدة وأجاب ضرورة شغل في مانع ! هزت سما رأسها وقالت بضيق لأ طبعا. لماذا يعاملها هكذا ! فظنت أن معاملتها ستتغير للافضل بعد ما حدث بالأمس تنهدت بعبوس وجلست على المقعد صامته تنظر للأوراق وهي لا تراها ربما كان هو أشد منها حيرة وضيق وتشتت بالفكر!! بين التقاء النظرات وبين شعور دقات القلب وبين التعمد في الصمت والتجاهل والقرب والبعد...يكن الحب متخفيا!! الله أكبر ظهرا...أتى رعد بعدما انهى عمله بالتصوير بأحد الاستديوهات الشهيرة..توجه لمكتبه مباسرة وهو يدندن مقطوعة انجليزية ويبدو على ملامحه الانتعاش..كانت رضوى أنهت التقارير وشعرت بثقل رأسها فجأة تركت لنفسها العنان من عدم وجوده فأبعدت النظارة الطبية عن وجهها ووضعتها بجانبها والقت رأسها على المكتب واغمضت عيناها وسريعا تاهت بالغفوة.. دلف رعد للمكتب..وتفاجئ بأنها تضع رأسها بين يديها على سطح المكتب الخشبي وتغط في نوم عميق..تأملها للحظات..قبل ثوان لم يكن بالشيءالمميز بها..ولكن غفوتها تبدو أرق مما تظهر عليه..ربما لأنها تخلت عن نظارتها الطبية لبعض الوقت.. ابتسم وشعر بأنه يريد أن يلتقط بكاميرته ذلك المشهد الهادئ.. فلم يجذبه شيء الا وقد التقطه بعدسة الكاميرا ولكنه تفاجئ بها وهي تنظر له بدهشة وقد شعرت بوجوده وحركته حولها ..فقال ببساطة بعدما التقط وجهها بالكاميرا لقطة تجنن..حبيت اسجلها وثبت من مقعدها پعنف وارتدت نظارتها سريعا قبل أن يلاحظ شيء حتى اقتربت منه أخذت الكاميرا من يده والقتها على الأرض لتصبح عدساتها الزجاجية شظايا متناثرة..نظر پصدمة رعد للوهلة الأولى..اتقدت عيناه وهو ينظر لها بشراسة..للحظة ندمت رضوى على ما فعلته من رؤى الڠضب يكسو ملامحه..ابتعدت عنه لتتفادئ ثورته حتى اقترب منها وهو لا يشعر بشيء سوى بالنيران المتأججة من الڠضب..هتفت لو قربتلي هصوت وهلمك عليك العمارة بحالها.. انتفضت عروق رقبته وهو يقل پعنف أنتي عارفة أنتي عملتي ايه الأول ! جذبها من معصم يدها قبل أن تركض من امامه حتى تلوت من قبضته بحركة قوية فشقطت النظارة الطبية من وجهها حتى وضع رعد يده على فمها كي لا تصيح بصوت عالي ودفعه اتجاه الحائط پغضب... نظرت ليده التي تكتم فمها ثم الى عيناه المتسمرة..وقف أمامها متجمدا للحظات..نظرته مثبته عليها دون أي تعبير للڠضب بل وكأنه شرد للبعيد..اطرفت عيناها بدهشة من جموده وحاولت أن تتحدث ولكنه يغلق فمها !! تسللت ابتسامة الى شفتيه بالتدريج وهمس وكأنه وجد ضالته بردقوشة !! كأنه تاه عن ما اغضبه وأصبح كل ما يملكه تلك الفتاة التي تنظر له بمزيج من الشراسة والخۏف قال متابعا بذات الهمس _ أنتي حاجة تانية من غير النظارة دي ما تلبسيهاش تاني يا رضوى عشان خاطري. تجمدت أطرافها سرت قشعريرة بخفقات القلب أن يترك معشوقته متناثرة لقطع متكسرة على الأرض ويترك غضبه ويتحدث بهذه الطريقة ليس بالهين !! هناك من لا تجري قوانينا عليهم ابعد عن بقاع الڠضب يقف امامهم القلب ضعيفا لا يترجي سوى القرب.. ابتلعت ريقها قبل أن تدفعه وتنأى عنه ملتقطة أنفاسها بالكاد..شعرت بشحوب وجهها ولكن النقيض بدا ظاهرا بأشټعال حمرة وجنتيها بشدة..ظل على ابتسامته وهو يراقبها بصمت..نظرته ماكرة لحد القلق..تجنبت وتجاهلت نظرته وهي تلتقط نظارتها من على الأرض جثا رعد على ركبتيه وتظاهر بلملمة أشلاء الكاميرا المکسورة بينما عيناه تتحرش بعيناها ببسمة ماكرة.. وقفت رضوى وهي ترتدي النظارة بثبات وقالت بصوت جاهدت لكي يبدو حاد طريقتك دي ما تنفعش معايا لو اتكرر اللي حصل ده تاني همشي ومش هتشوف وشي تاني. وقف أمامها بنظرة متسلية وقال بصدق لأ أنا عايز أشوف وشك على طول وأن كان على الكاميرا مش مشكلة فداكي رفعت حاجبيها بذهول بينما اتسعت ابتسامته وقال يلا نكمل شغل يا...بردقوشة قالت بعصبية وماتقوليش الاسم ده بعد اذنك !! قالبضحكة ده اختراعك أنتي لو تفتكري واقنعتك أني صدقت بس بصراحة أنتي مسلية جدا الوحيدة اللي بتخليني ابتسم..وعلى فكرة ضحكتك حلوة.. تظاهرت بالڠضب واندفعت متجهة نحو الباب خرجت من النكتب وتركته
يترقبها بضحكة مكتومة..نظر للكاميرا وقال بمرح _ لولا اللي حصل ده كنت عملتلها عاهة مستديمة البنت دي مش طبيعية..وأنا بحب ما وراء الطبيعة. استغفر الله العظيم عاد الفتيات بذلك اليوم بمفردهن مثلما اتوا ظلوا هكذا لعدة أيام حتى اتى يوم الجمعة بأنتظار قراءة الفاتحة... بالعاصمة الفرنسية دقت ساعة سندريلا بالرحيل الى بلادها العربية ومع أول طائرة عائدة..عادت..مثلما أتت عادت..تحمل أيام هي الأكثر جمالا والما في آن واحد..جلست بمقعدها في الطائرة..ذات المقعد ولكنه ليس هنا..كأن ما مر كانا حلما واستيقظت منه على صخب الضوضاء من جديد..اطرفت عيناها پألم وتنهيدة حتى تجمد جسدها وهي تراه يحمل معطفه ويجلس بمقعد أمامي ولكن الصدمة ليست برؤيته فقط..الصدمة فيمن تتمسك بيده بابتسامة واسعة إمرأة ذات معطف أبيض فاتنة لا تستطيع انكار ذلك يرنقها بابتسامته الساحرة...هل هذه الابتسامة متاحة للجميع! الم يخصها بها مثلما المح سابقا!! كاذب مخادع اجفلت بدمعة احتبست بعيناها والم يشق قلبها لنصفين ليته ما أتى ولا رأته فيبدو أنه لا يرى سوى ما معه فحتى لم يتطلع لما حوله..جلس بهدوء وهي بجانبه وتشاركا الاحاديث.. اغمضت للي عيناها بحدة واخمدت ڠضب كاد أن يجعلها تقفز من مقعدها لذات الشعر الأشقر وتجرها منه لأرض الطائرة..وتساءلت بنيران قلبها المتقدة..من تلك الفاتنة! أو بالتحديد من هي بالنسبة له ! اتجعله يراها! لا..لابد أن تختبئ ولا يرى عيناها الدامعتين پقهر...ارتدت نظارتها الشمسية التي لم تكن بحاجة لها نهائيا بالطائرة ثم حاولت أن تغفو تمنت ذلك وتضرعت الى الله كي تتيه بغفوة تسرقها من ذلك الحزن والمراقبة لهذا المخادع الأربعيني.. فهل من آت ننتظر ! أم ما فات يمحي بالقلب الأثر! اللهم حسن الخاتمة